تم اكتشاف هيكل عظمي بشري محفوظ جيدًا يعود تاريخه إلى حوالي **12,000 سنة** في فيتنام، ويحتوي على أقدم حمض نووي للميتوكوندريا البشرية تم العثور عليه في المنطقة. يعود الهيكل لرجل توفي عن عمر يناهز 35 عامًا بعد أن أصيب في رقبته بقذيفة ذات رأس من الكوارتز تظهر عليها علامات التصنيع البشري.
ولم يمت الرجل على الفور؛ فقد كشف تحليل عظم ضلعه العنقي التالف عن علامات نمو الأنسجة وعدوى من المحتمل أنها تسببت في وفاته، حسبما أفاد العلماء يوم الثلاثاء في مجلة **Proceedings of the Royal Society B: Biological Sciences**. ربما عاش الرجل لعدة أشهر بعد إصابته حتى توفي ودُفن في موقع كهف يُدعى "ثونغ بينه 1" (Thung Binh 1) فيما يعرف الآن بـ **مجمع ترانغ آن للمناظر الطبيعية**، وهو أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.
نظرة نادرة على الحياة القديمة
ظروف الإصابة الصادمة للرجل غير معروفة، ولكن هذه الحالة قد تكون أقدم دليل على **الصراع بين الصيادين-الجامعين** في جنوب شرق آسيا. وتوفر إصابته وبقاؤه على قيد الحياة لبعض الوقت بعد ذلك لمحة نادرة عن حياة الناس في هذه المنطقة خلال الأيام الأخيرة من **العصر البليستوسيني (Pleistocene)** قبل حوالي 2.6 مليون إلى 11,700 سنة.
وقال **هوغو رييس-سينتينو**، الأستاذ المساعد في الأنثروبولوجيا بجامعة كنتاكي والذي لم يشارك في البحث الجديد: "إن المواد الهيكلية البشرية من العصر البليستوسيني المتأخر في جنوب شرق آسيا نادرة نسبيًا".
وأضاف: "لدينا أدلة وفيرة على العنف بين الأشخاص في **العصر الهولوسيني (Holocene)**، خاصة مع تبني السكان لاقتصادات إنتاج الغذاء وأصبحت المجتمعات أكثر طبقية، ولكن الأمثلة من العصر البليستوسيني للسكان الذين كانوا يمارسون اقتصاد الصيد والجمع قليلة. هذه الدراسة تضيف إلى تلك الأمثلة النادرة".
اكتشاف مفاجئ في كهف فيتنامي
عثر الباحثون على الهيكل العظمي، الذي أطلقوا عليه اسم **"TBH1"**، في ديسمبر 2017. كانت الجمجمة محطمة ومسطحة، لكن يبدو أن معظم القطع كانت موجودة — بما في ذلك جميع أسنان الرجل. كما كان الحوض والفقرات مجزأة. استمر استخراج بقايا TBH1 حتى عام 2018 بسبب التجزئة الشديدة للرفات والظروف غير المثالية في الكهف.
أزال أعضاء الفريق الجمجمة والقطع الهيكلية في كتل كبيرة من الرواسب لتجنب إتلافها، ثم أمضوا شهورًا في تجميعها في المختبر. لم يكن هناك ما يكفي من الكولاجين في العظام لتحديد عمرها، لكن تأريخ عينات الفحم بالقرب من الدفن بالكربون المشع أشار إلى أن الهيكل العظمي يتراوح عمره بين **12,000 و 12,500 سنة**.
كشف تحليل الهيكل العظمي عن إصابة طفيفة في الكاحل، لكن صحة الرجل العامة كانت جيدة قبل الصدمة التي تسببت في وفاته. وأكد تحليل الحمض النووي للميتوكوندريا أن الفرد كان ذكرًا وأشار إلى سلالة أمومية مرتبطة بالصيادين-الجامعين المحليين، الذين ينحدرون من البشر الذين كانوا من بين أوائل من هاجروا إلى المنطقة.
نظرًا لقلة البقايا الهيكلية البشرية المحفوظة جيدًا من هذه الفترة في جنوب شرق آسيا، كان هذا الاكتشاف شبه الكامل مع حمضه النووي المحفوظ ذا أهمية كبيرة. وقال **كريس ستيمبسون**، الباحث الرئيسي في الدراسة، إن اكتشاف الضرر الصادم في **الضلع العنقي** للرجل — وهو عظم إضافي في الرقبة نادرًا ما يظهر عند البشر — "كان مفاجأة كبرى".
وكانت هناك مفاجأة أخرى في انتظار العلماء. بالقرب من الضلع العنقي المصاب، عُثر على شظية من الكوارتز غير الشفاف يبلغ طولها 18.28 ملم وتزن حوالي 0.4 جرام. كانت تحمل علامات نحت شائعة في الأدوات الحجرية من تلك الفترة. لكن لم تكن هناك أي أدوات كوارتز أخرى في الكهف، مما يجعل رأس المقذوفة تقنية "غريبة" ربما نشأت في مكان آخر.
نهاية غامضة ودليل على الرعاية
بناءً على شكل شظية الكوارتز، فسرها العلماء على أنها رأس مقذوفة اخترقت رقبة الرجل من الجانب الأيمن وكسرت ضلعه العنقي، مما أدى في النهاية إلى عدوى مميتة. وأشار موضع وحجم ونوع الإصابة إلى جسم صغير ولكنه سريع الحركة؛ حيث أن جسمًا أكبر كان سيسبب أضرارًا أكثر خطورة، وربما كان الموت فوريًا.
وعلى الرغم من أنه من المحتمل أن يمثل العظم المكسور مواجهة عنيفة مع فرد لم يكن من السكان المحليين، إلا أن العلماء لا يمكنهم سوى التكهن بالظروف التي تسببت في إصابة الرجل وكيف كانت الأسابيع الأخيرة من حياته. فالسجل الأثري من هذا الوقت والمكان لا يحتفظ إلا بالقليل عن كيفية تفاعل الصيادين-الجامعين مع بعضهم البعض. لكن بقاء الرجل على قيد الحياة بعد إصابته ودفنه اللاحق يشير إلى أنه ربما لم يعاني ويموت وحيدًا.
وأضاف ستيمبسون: "إنه تخمين... لكن حقيقة أنه تمكن من الصمود لبضعة أشهر، وحقيقة أنه دُفن بالطريقة والمكان الذي كان فيه، يمكنك أن تستنتج أن هناك أشخاصًا كانوا يعتنون به — في حياته وفي مماته".
**ملاحظة المحرر:** *ميندي ويسبرغر* هي كاتبة علمية ومنتجة إعلامية، وهي مؤلفة كتاب *Rise of the Zombie Bugs*.